آخر الأخبار

السبت، 3 يناير 2015

درس الغير سؤال : هل العلاقة مع الغير علاقة صداقة ؟

سؤال : هل العلاقة مع الغير علاقة صداقة ؟
يندرج هذا السؤال داخل مجزوءة الوضع البشري وتحديدا ضمن مفهوم الغير ، إذ يعالج إشكالية العلاقة مع الغير ، وهي إشكالية أثارت اهتمام مجموعة من الفلاسفة والمفكرين ، وأفرزت أراء ومواقف مختلفة ومتباينة ، وعليه يمكن أن نصوغ الإشكالية الأتية : ما طبيعة العلاقة مع الغير ؟ هل هي علاقة صداقة أم علاقة صراع ؟ وإلى أي حد يمكن اعتبارها علاقة صداقة ؟
لمقاربة هذا الإشكال يستدعي الأمر منا شرح المفاهيم الأساسية المؤثثة لبنية السؤال ، فمفهوم الغير يشير إلى الذات الأخر ، أي الأنا الذي ليس أنا ، أناً مفكرة وواعية ، تشبهني وتختلف عني في نفس الوقت ، أما لفظ العلاقة فيقصد به الرابط الذي يربط بين شيءما وشيء أخر ، في حين يشير مفهوم الصداقة إلى تلك العلاقة المثلى التي يقيمها الأنا مع الغير والتي تنبني على الواجب الأخلاقي الذي أساسه الحب والإحترام
يفضي بنا تحليل عبارات السؤال إلى أطروحة مؤكدة مضمونها أن العلاقة مع الغير علاقة صداقة ، فالناس يؤسسون فيما بينهم علاقات صداقة أخوية وأخلاقية تقوم على التضامن والتكامل والحب والمودة والإحترام ، ولا يجب أن تقوم على الغرابة والتنافر والصراع أو العداوة
وتكمن قيمة هذه الأطروحة في تأكيدها على أن الصداقة هي العلاقة التي تربط بين الأنا والغير ، بوصفها علاقة مثلى وفضلى تؤسس للواجب الأخلاقي
ونجد لهذه الأطروحة حضورا قويا لدى الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط الذي يرى أن علاقة الصداقة هي أسمى وأنبل العلاقات الإنسانية،لأنها قائمة على الاحترام المتبادل.وأساسها الإرادة الأخلاقية الخيرة.فالصداقة باعتبارها واجبا أخلاقيا، تشترط وجود المساواة وعلاقة التكافؤ، وهي أيضا نقطة تماس بين الحب والاحترام.وهذا ما يمنح الإنسان توازنه وعدم الإفراط سواء في الاحترام أو الحب.
أفلا يمكن الحديث كذلك على أن العلاقة مع الغير هي علاقة صراع وغرابة ؟
لمقاربة هذا الإشكال نستحضر تصور الفيلسوف جون بول سارتر الذي يرى أن العلاقة الموجودة بين الأنا والغير هي علاقة تشييئية، خارجية وانفصالية ينعدم فيها التواصل مادام يعامل بعضهما البعض كشيء وليس كأنا آخر. هكذا فالتعامل مع الغير كموضوع مثله مثل الموضوعات والأشياء يؤدي إلى إفراغه من مقومات الوعي والحرية والإرادة. ويقدم سارتر هنا مثال النظرة المتبادلة بين الأنا والغير؛ فحين يكون إنسان ما وحده يتصرف بعفوية وحرية، وما إن ينتبه إلى أن أحدا آخر يراقبه وينظر إليه حتى تتجمد حركاته وأفعاله وتفقد عفويتها وتلقائيتها. هكذا يصبح الغير جحيما، وهو ما تعبر عنه قولة سارتر الشهيرة:”الجحيم هم الآخرون”
نخلص من خلال ما سبق إلى أن إشكالية العلاقة مع الغير أفرزت مجموعة من المواقف المتعارضة ، إذ رأى الفيلسوف كانط أن العلاقة مع الغير علاقة صداقة ، وبخلاف ذلك أكد الفيلسوف سارتر على أن العلاقة مع الغير علاقة صراع ، أما فيما يتعلق بوجهة نظري الشخصية فأجد نفسي أميل إلى موقف الفيلسوف كانط ، لأنه الأقرب إلى الواقع المعيش ، فالواقع الإجتماعي يشهد أن الصداقة هي الرابط المقدس والعلاقة المثلى والفضلى التي تربط بين الناس ، والتي تقوم على الحب والإحترام ، وفي ظل تضارب هذه المواقف والتصورات ألا يمكن القول إن العلاقة مع الغير علاقة صداقة أحيانا ، وعلاقة صراع أحيانا أخرى ؟ أو بالأحر هي علاقة صداقة وصراع في الآن ذاته ؟

درس الغير سؤال : هل معرفة الغير ممكنة ؟

سؤال : هل معرفة الغير ممكنة ؟
يتأطر موضوع السؤال الذي بين أيدينا داخل مجزوءة الوضع البشري وتحديدا ضمن مفهوم الغير ، إذ يعالج إشكالية معرفة الغير ، وهي إشكالية شغلت الفلاسفة والمفكرين وأسفرت عن وجهات نظر مختلفة ومتباينة ، الأمر الذي يستوجب طرح الإشكالات التالية : هل معرفة الغير ممكنة أم مستحيلة ؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار معرفة الغير ممكنة ؟
لمقاربة الإشكال الذي ينطوي عليه السؤال يقتضي الأمر شرح المفاهيم الأساسية التي ينطوي عليه ، فهل حرف استفهام تخييري بين قضيتين متقابلتين قد يصرح بهما معا ، وقد يصرح باحداهما ويتم اضمار الاخرى . ان الطابع الاستفهامي لهذا الحرف يقتضي اجابتان محتملتان ، نعم ام لا ، نعم معرفة الغير ممكنة ، لا،معرفة الغير مستحيلة ، في حين يشير مفهوم الغير إلى الذات الأخرى الواعية والمفكرة ، أي الأنا الأخر وهو الأنا الذي ليس أنا ، أنا يشبهني لكنه يختلف عني في نفس الوقت ، أما لفظ المعرفة فيقصد به إدراك الشيء ، يفضي بنا تحليل عبارات السؤال الى اطروحة مفترضة مضمونها أن معرفة الغير ممكنة ، فمعرفة شخص لأخر ممكنة ما دام يتواصل معه ، فالتواصل يضمن إمكانية معرفية الغير ، كما أن التعايش مع الغير تؤدي إلى معرفته
فأين تكمن قيمة هذه الأطروحة ؟
وتكمن قيمة هذه الأطروحة وأهميتها في تأكيدها على إمكانية معرفة الغير ، وبالتالي نفيها لأستحال هذه المعرفة
ويأيد هذه الأطروحة الفيلسوف الفرنسي موريس ميرلوبونتي الذي يرى أن معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل معه والاعتراف به والحفاظ على خصوصيته كغير مختلف مع احتضانه والتعايش معه من خلال المشاركة الوجدانية مما تتيح للأنا قياس مايظهر على الغير من سلوكات او اقوال على الدات وبالتالي الوصول الى معرفة يقينية بالغير . يقول ميرلوبونتي أن نظرة الغير لا تحولني الى موضوع كما ان نظرتي لا تحوله الى موضوع
أفلا يمكن الحديث كذلك ، على أن معرفة الغير مستحيلة ؟
وبخلاف ذلك يعتبر الفيلسوف جون بول سارتر أن معرفة الغير مستحيلة ، لأنها تحوله إلى شيء أي موضوع ، فالنظر الى الغير في وضع المعرفة معناه تشييئه ونفيه وسلبه معني الوعي والارادة والحرية والتلقائية: ان علاقة المعرفة بين الانا والغير تقيم هوة سحيقة لا تعبر وعدما يستحيل معه كل تواصل ممكن. ان كل منهما يشيء الاخر وقدم مثال على دلك يتمثل في النظرة التي تحول هده العلاقة الى علاقة جحيمية
نخلص من خلال ماسبق الى ان اشكالية معرفة الغير افرزت مجموعة من المواقف المتعارضة ، حيث راى ميرلوبونتي أن معرفة الغير ممكنة ، في حين اعتبر الفيلسوف سارتر أن معرفة الغير مستحيلة ، وفي ظل تضارب هذه المواقف والتصورات ألا يمكن القول أن معرفة الغير ممكنة أحيانا ، ومستحيلة أحيانا أخرى ؟ أو بالأحرى هي معرفة ممكنة ومستحيلة في الآن ذاته ؟
 
جميع الحقوق محفوظة © 2015 معلومة

تعريب مداد الجليد